القائمة الرئيسية

الصفحات

اخر المواضيع شب

 تقنية تدمج الواقع بالخيال شكلت فتحا جديدا في عالم التقنية، وأصبحت محط اهتمام الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا والمستخدمين على حد سواء، خاصة مع ظهور نظارتي أوكولوس ريفت وغوغل كاردبورد للواقع الافتراضي (Virtual Reality).



التسمية

يعرف الواقع الافتراضي بأنه تقنية حاسوبية تتضمن محاكاة بيئة حقيقية أو ثلاثية الأبعاد تعمل على نقل الوعي الإنساني إلى تلك البيئة ليشعر بأنه يعيش فيها، وقد تسمح له أحيانا بالتفاعل معها.


وأبرز الأمثلة على تقنية الواقع الافتراضي هو مشاهد الفيديو المصورة بتقنية 360 درجة التي تضع المستخدم افتراضيا في عين المكان ليختبره من كافة الزوايا وكأنه موجود هناك.


كما يستخدم المصطلح لوصف تشكيلة واسعة من التطبيقات المرتبطة به التي تتضمن بيئات ثلاثية الأبعاد يتفاعل المستخدم معها باللمس أو الصوت كألعاب الواقع الافتراضي الحالية، إلى جانب استخدام التقنية في الأغراض الطبية والهندسية.

يعتبر العرض السينمائي للأخوين لوميير عام 1895 من أشهر أوائل العروض السينمائية، ومنها انطلقت السينما لتنقل الناس عبر الزمن وتتيح لهم استكشاف أماكن لم يعهدوها من قبل، ومنذ ذلك الوقت تطورت تقنيات التصوير والعرض السينمائي بشكل كبير، فابتكرت تقنية أفلام "آيماكس" ذات الشاشات الضخمة، والعرض الثلاثي الأبعاد، وحاليا تتجه السينما لدخول مجال جديد هو الواقع الافتراضي.


ويرى الخبراء أن تقنية الواقع الافتراضي تضع العديد من الأدوات والإمكانات الثورية تحت تصرف صانعي الأفلام لمساعدتهم على تحسين صناعتهم، وخصوصا بعد تطور الشاشات وتقنيات التصوير.


فعلى الرغم من التطور الكبير، فإن محبي الأفلام وصانعيها على حد سواء يتطلعون إلى مزيد من التقدم والتطور في التجربة السينمائية، وهنا يبرز دور الواقع الافتراضي الذي من شأنه إحداث ثورة في المجال السينمائي، وخصوصا بعد توفر التقنية بأيدي المستخدمين بشكل فعلي، حيث يمكن لهم أن "يعيشوا" الأفلام بدلا من مجرد مشاهدتها.


وفي خطوة تؤكد التطلع الكبير لاستخدام تقنية الواقع الافتراضي في مجال السينما، أنشأت شركة أوكولوس في آر -المطورة لنظارة الواقع الافتراضي المرتقبة أوكولوس ريفت- قسما خاصا داخل الشركة يهتم بالأفلام بشكل خاص تحت اسم "أوكولوس ستوري ستوديو"، كما عرضت فيلما بتقنية الواقع الافتراضي يحمل اسم "لوست" في مهرجان صن دانس السينمائي الماضي بهدف استقطاب صناع السينما الذين يريدون تجربة التقنية في المستقبل القريب.


ويرى مهتمون أن صناع السينما سيستجيبون بلا شك لهذه التقنية الواعدة التي خطفت الأنظار، وتشير التطورات في الوقت الحالي إلى اتجاه تقنية الواقع الافتراضي لدخول مجال أفلام الرعب أيضا، إلى جانب المجال الترفيهي، مثل فيلم "11:57" الموجه لهذه التقنية كمثال على استخدامها في هذا النوع من الأفلام.


ويتساءل البعض عما إذا كانت الإضافات التي تُسمى "البعد الرابع" في مجال السينما ستستخدم بجانب تقنية الواقع الافتراضي، وهي التأثيرات المادية على المشاهد، مثل الرياح وقطرات الماء والاهتزازات، والتي تساهم في إدخال المستخدم بأجواء الفيلم بشكل أكبر.


ويرى البعض أن توافر نظارات الواقع الافتراضي في الوقت الحالي بأسعار في المتناول -نسبيا- يشكل فرصة هائلة أمام صناع الأفلام للاستفادة من انتشار هذه التقنية التي بدأت تجذب الانتباه.


ويعتقد متخصصون أن الواقع الافتراضي المتطور بدقة وضوح عالية وتأثيرات مادية على المشاهد مع الكراسي المتحركة، قد يصبح مستقبل صالات السينما في المستقبل.

فتحت التطورات التكنولوجية المتلاحقة أفاقا هائلة في مجال صناعة الأفلام السينمائية، ويسأل ليوك باكماستر بعض الخبراء عن مستقبل الأفلام السينمائية؟

منذ عقود مضت تنبأ البعض بظهور أفلام بتقنية الواقع الافتراضي تتيح للمشاهد الانغماس كليا في الفيلم السينمائي. وفي عام 1955، تنبأ المصور السينمائي مورتون هيليغ، في مقالة بعنوان "السينما في المستقبل"، بأن صناعة الأفلام السينمائية ستشهد تطورا كبيرا مستقبلا إلى حد "يجعل المشاهد يعيش التجارب العلمية الجديدة بكل حواسه وينتقل إليها بوعيه ليتفاعل مع تفاصيل أحداثها". وذكر هيليغ الكثير من خصائص تقنية الواقع الافتراضي، من دون أن يذكرها بالاسم، لأن المصطلح لم يكن قد صيغ بعد.


والآن هذا المستقبل الذي تنبأ به نعيشه الآن، مع أننا لا نزال أبعد ما نكون عن الواقع الافتراضي الذي ظهر في بعض الأفلام والمسلسلات التليفزيونية ويؤثر على العقل فيُفقد المرء القدرة على التمييز بين الواقع والخيال.


ويمكن تشبيه المرحلة الحالية في صناعة السينما، التي حلت فيها كاميرات التصوير بزاوية 360 درجة محل الكاميرات التقليدية، بالفترة ما بين أواخر القرن التاسع عشر ومستهل القرن العشرين، التي شهدت التجارب المبكرة للأفلام السينمائية.

وباختصار، نحن نشهد بداية ثورة في مجال صناعة الأفلام، إذ فتحت التطورات التكنولوجية المتلاحقة - مثل انتشار تقنية الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي وتزايد قدرة الكمبيوتر على التحكم في العوالم الرقمية- آفاقا لا حدود لها أمام صناعة الأفلام السينمائية.


تجارب خاصة

يرى كريس ميلك، الفنان والخبير في تقنية الواقع الافتراضي، أن الأفلام في المستقبل ستقدم تجارب خاصة مصممة وفقا لاختيارات كل مشاهد على حدة. ويقول كريس، في حوار مع بي بي سي، إن هذه التجارب: "ستتيح لك تشكيل القصة وقت عرضها، لترضي ذوقك وحدك، وتلبي أهواءك وميولك".


ويفضل ميلك وصف هذه التجارب بأنها "معايشة تفاصيل القصة"، وليس "سرد القصة" كما هو الحال الآن. ويرى أن التجارب السينمائية ستتطور بحيث تشعر أنها طبيعية وحقيقية تعيشها كما تعيش يوما معتادا في حياتك، لكنها تحمل سمات القصص المثيرة التي اعتدنا سماعها.


يرى كريس ميلك فنان الواقع الافتراضي أن الأفلام مستقبلا ستقدم تجارب خاصة تناسب كل مشاهد على حدة



وفي إحدى المحاضرات التي ألقاها في مؤتمر "تيد" عام 2015، حول الآفاق الفنية للواقع الافتراضي، رأى ميلك أن التطورات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي ستتيح للشخصيات التي ابتكرها الكمبيوتر، التفاعل مع الجمهور أثناء عرض الفيلم، ويشبهها ميلك بالشكل المتطور من المساعد الشخصي "سيري"، لكنه مجسد على هيئة شخصية داخل فيلم.

وبالرغم من أن ميلك لا ينكر أن هذه الشخصيات القادرة على التحدث والتفاعل معك في الفيلم كما لو كانت بشرا مثلك، لم تظهر حتى هذه اللحظة، إلا أنه يرى أننا قد نراها في أي وقت، حتى قبل 20 عاما.


لكن ماذا يعني ذلك للتلفاز على المدى البعيد؟

 وللإجابة عن هذا السؤال أوضح رولان شتيله، من الجمعية الألمانية لإلكترونيات الترفيه، أن ذروة انتشار نظارات الواقع الافتراضي في غرف المعيشة لم يحن وقتها بعد. وأضاف الخبير الألماني قائلاً: «سيشهد معرض الإلكترونيات IFA خلال الفترة من الرابع إلى التاسع من سبتمبر المقبل ظهور العديد من أجهزة التلفاز المزودة بالتقنية فائقة الوضوح Ultra HD».


ويعتقد رولان شتيله في حالة انتشار أجهزة التلفاز Ultra HD على نطاق واسع، ستكون هناك فرصة أمام نظارات الواقع الافتراضي أن تسود غرف المعيشة على نطاق أوسع.


وإذا رغب المستخدم في الاستمتاع بالعوالم الافتراضية، فإنه يعتمد في أفضل الحالات على الهواتف الذكية، وهناك العديد من نظارات الواقع الافتراضي المتوافرة حالياً، مثل غوغل أو زايس أو سامسونغ، توفر للمستخدم إمكانية الاستمتاع بالعالم الافتراضي أو التمتع بالألعاب المثيرة أو مشاهدة مقاطع الفيديو 360 درجة بالارتباط مع الهاتف الذكي المقترن بها.


وأضاف بريان بلاو أنه في هذا المجال يوجد حماس كبير لتطوير محتويات لنظارات الواقع الافتراضي، كما أن منصة الفيديو «يوتيوب» تدعم حالياً مقاطع الفيديو 360 درجة، وهناك بعض الفنانين مثل روبن شولتز يقوم عن طريق أحد التطبيقات بعرض مقاطع فيديو موسيقية 360 درجة على الهواتف الذكية.




محاذير استعمال نظارات الواقع الافتراضي


التقنية الجديدة المستخدمة في النظارات جذبت الكثير من المستخدمين العاديين وكذلك الباحثين والمختصين في التكنولوجيا إلى ارتدائها وتجربتها. وقد أجرى أستاذان من جامعة ماينتس الألمانية في الفلسفة دراسة وبحثا عن هذه النظارات، أحدهما ميشائيل ماداري الذي يعمل منذ 5 سنوات في جامعة ماينتس مع مشروع أوروبي لدراسة تأثير الروبوتات والواقع الافتراضي على المجتمع. ونقل موقع "دويتشلاند فونك" عن ماداري أن نظارات الواقع الافتراضي "تجعل الشخص يدخل في العالم الافتراضي وينغمس في هذا العالم ويبدأ بتحريك جسمه فيه كجسم افتراضي. وعندما يتحرك الشخص في هذا العالم الافتراضي تبدأ عيناه وجسمه بإعطائه معطيات ومشاهد أخرى. وتقنية نظارات الواقع الافتراضي تعمل بصورة دقيقة تجعل الشخص يعتقد أنه يعيش فعلا في هذا العالم وأنه شخص أخر يعيش في عالم أخر".

وذكر الباحثان أن "المستخدمين لنظارات الواقع الافتراضي يقضون أوقات طويلة في العالم الافتراضي حسبما يشاؤون. لذلك على الباحثين دراسة الأبعاد النفسية للمستخدمين".


وحتى استخدام النظارات في مجلات أخرى مثل علاج الصدمات النفسية، لقي بعض المعارضة. وذكر ماداري أنه "يمكن استخدام تقنية الواقع الافتراضي في علاج الأمراض النفسية. لكنه يجب علينا التذكر بأن هذه التقنية ما زالت في قيد التجربة ولذلك الأفضل عدم التسرع في استخدامها في المجالات العلاجية".


ولم تتوصل أي دراسة علمية موثقة لنتائج تثبت وجود مخاطر نفسية على المستخدمين لهذه النظارات. فيما ذكرت بعض الدراسات أن الخطر الوحيد الذي يمكن أن يصاب به المستخدم هو إدمان استخدام هذه النظارات والألعاب بصورة عامة، ما قد يسبب الإرهاق والقلق وعدم التركيز، وخاصة مع كثرة الانغماس في هذا العالم الافتراضي.


كما أن هذه النظارات ما زالت جديدة في الأسواق ولم تُجرعليها دراسات كافية لمعرفة تأثيرها على العينين، مثلما أوضح الباحث كريستيان كانديزيا في لقاء مع مجلة دير شبيغل الألمانية. والذي أضاف "كل شاشة الكترونية مضرة للعينين إذا استعملت لفترات طويلة، رغم ذلك لا توجد دراسات تذكر أن الشاشة الالكترونية تضر بالعينين أو تسبب قصر النظر عند الكبار. فيما توجد دراسات أشارت إلى أضرار هذه الشاشات على الأطفال وما تسببه من قصرلنظر لديهم".


author-img
مؤسسة ناشئة بجهود وكوادر عراقية بحته والهدف منها دعم وتعزيز طاقات وجهود المبرمجين العراقيين وتدريبهم وايجاد عمل لهم.

تعليقات

-->